• مقدمة
«18فضَعوا كلِماتي هذِهِ علَى قُلوبِكُمْ ونُفوسِكُمْ، وارْبُطوها عَلامَةً علَى أيْديكُمْ، ولْتَكُنْ عَصائبَ بَيْنَ عُيونِكُمْ، 19وعَلموها أوْلادَكُمْ، مُتَكَلمينَ بها حينَ تجْلِسونَ في بُيوتِكُمْ، وحينَ تمْشونَ في الطريقِ، وحينَ تنامونَ، وحينَ تقومونَ. 20واكْتُبها علَى قَوائمِ أبوابِ بَيْتِكَ وعلَى أبوابِكَ». (تث11 :18-21).
«16لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُل حِكْمَةٍ مُعَلمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فيِ قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ».(كو3: 16).
يدعونا الله في العهدين القديم والجديد للالتصاق بالكلمة المقدسة بما يتماشى مع قداستها وأهميتها. ولكن مع تأثير البيئة المحيطة وكثرة المشاغل وضغوط العمل وازدحام الخدمة، تحولت العلاقة مع الكلمة المقدسة إلى مجرد كلمة تقرأ في بعض الأحيان، أو على سبيل عادة مسيحية، أو لتحضير خدمات وعظية وتحول الكتاب المقدس إلى مرجع للآيات.
لذا سنحاول في هذا الكتيب اتباع أسلوب مغاير لما هو مألوف في قراءة الكتاب المقدس بحيث يصبح هو حياتنا، وتدخل الكلمة إلى أعماقنا لتغيرنا من الداخل وتصير الجلسة التي نقضيها أمام الكلمة بمثابة المعمل الذي تتشكل فيه حياتنا من جديد فتتغير حسب إرادة الله.
يدعونا الرسول بولس في رسالته إلى أهل رومية «تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ».(رو12: 1-2).
فكيف يتحقق هذا التغيير ونحصل على الأذهان المجددة دون أن يتم التفاعل الحي مع الكتاب المقدس ومع قوة الصلاة والانكسار أمام شخص الله والاعتماد على الروح القدس الذي ينير أمامنا الكلمة المقدسة تتغير مبادؤنا واتجاهاتنا، ولا نساير مبادئ العالم!
لهذا الغرض عينه نطرح هذا الكتيب الذي يحوي بعض القواعد التي تساعد على قراءة الكتاب المقدس وعلى التعمق في دراسة سفر من أسفاره. هذا بالإضافة لبعض الجوانب الهامة التي تعطي لحياتنا أبعادًا جديدة تساعدنا وتعطي لقراءتنا للكتاب المقدس فائدة وبركة ومتعة.
كيف تقرأ الكتاب المقدس
تطالعنا الصحف اليومية كل صباح بأخبار جديدة وعناوين لأهم الموضوعات والمتغيرات العالمية. وما من إنسان مهما بلغت درجة ثقافته إلا ويتوق لقراءة الجريدة الصباحية، وسرعان ما ينتهي الشوق بمجرد النظر إلى العناوين الرئيسية المكتوبة بالخط العريض، التي سيستدل منها على مضمون ما كُتب بالخط الصغير.
إننا نتبع نفس النهج في قراءتنا للكتاب المقدس، الذي صرنا نتعامل معه على أنه جريدة يومية، فنتشوق لقراءته لكن سرعان ما تزول لهفتنا عند قراءة الجزء المحدد. فالآيات معروفة مسبقًا وقد صار فهمنا لها أمرًا معروفًا من عظات سابقة أو من معان مألوفة عند الشعب المسيحي فلا تضيف الآيات شيئًا جديدًا إلى حياتنا. بل إننا أحيانًا ما نفرض على الكلمة المقدسة مفاهيمنا نحن بدلاً من غرسها في أعماقنا حتى تغير حياتنا.
لذا فهذه القواعد من شأنها أن تساعدنا على التركيز في القراءة والاستفادة منها قدر الإمكان ليعود سلطان الكلمة الحقيقي على نفوسنا.
آخذين بعين الاعتبار:
-
ينبغي استخدام الكتاب المقدس لقراءة كل الشواهد التي استعنا بها في هذا الكتيب كأمثلة للمساعدة على فهم القصد الذي نبغي توضيحه.
-
لا توجد طريقة محددة لقراءة الكتاب، وما سنذكره هنا سيساعد فقط على توضيح بعض الأخطاء التي قد نقع فيها أثناء القراءة.
-
سوف نستعرض نوعين من القواعد التي ينبغي إتباعها وسوف نطلق عليها القواعد الفنية والقواعد العملية.
أولاً: القواعد الفنية
(1) ضرورة القراءة بالتشكيل
ولا يقصد بها تعقيدات اللغة بل قراءة الكلمة بنفس المعنى الذي قصده الكاتب الأصلي، لأن اللغة العربية مبنية على التشكيل إلى حد كبير. وبتغيير تشكيل الكلمة تصبح لها معاني مختلفة وبالتالي فعندما تُقرأ بتشكيل مغاير ستعطي معنى مغايرًا لما قصده الكاتب. والتشكيل الصحيح يُظهر المعنى الدقيق للآية. وهناك أمثلة عديدة تدل على خطورة عدم الانتباه للقراءة بالتشكيل. ونذكر منها:
أ - غلاطية 3:3
إذا كانت كلمة "تكملون" بدون تشكيل فمن الممكن أن تُقرأ بطريقتين: الأولى "تُكْمِلون" يفيد التكملة أي تتمة المشوار ويصبح معنى العدد: "بعد أن ابتدأتم بالروح تريدون أن تكملوا حياتكم بالجسد". ومن الممكن بناء على ذلك أن نعظ عن أهمية السلوك بالروح وليس السلوك بالجسد، وأيضًا كلمة الجسد هنا تفهم على أنها عكس الروح أي كل ما هو جسدي.
القراءة الثانية: «تُكَمَّلونَ» يفيد الكمال فيصبح معنى العدد بعد أن تكملتم أمام الله بعمل الروح تريدون أن تتكملوا أمام الله بأعمال الجسد وهنا يكون المقصود أن عمل المسيح الذي أتمه لا يحتاج إلى شيء يكمله حتى لو كان هذا الشيء هو أعمال الجسد والمقصود هنا الختان.
وهكذا نلاحظ اختلاف المعنيين تمامًا. ولكن إن راعينا التشكيل الواضح في العدد نجد الضم في أولها والتشديد على حرف الميم وضم اللام وبالتالي تقرأ "تُكمَّلون" وهذا يعني أن القراءة الثانية هي الصحيحة.
ب - 2 تيموثاوس 3: 4
«... مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ... » فكلمة "للذات" في هذا العدد هل هي بمعنى النفس (الأنا) أم هي بمعنى المسرات والمتع المختلفة؟ بالانتباه إلى الشدة الموضوعة على حرف اللام الثاني فإنها ستعطي معنى المسرات والمتع المختلفة وهذا هو المقصود.
ج - أعمال 24: 27
«وَإِذْ كَانَ... يُودِعَ الْيَهُودَ مِنَّةً، ... » يمكن أن تقرأ كلمتا (يودع) و (منه) بدون تشكيل وستعطي معنى أن فيلكس يريد (الوداع) وبالتالي فإن كلمة (منه) لا معنى لها في حين أن المعنى يتغير عند وضع التشكيل الصحيح وهو أن فيلكس يريد أن (يترك) لليهود (مِنَّة) أي هدية أو هبة، وبالتالي أعطى التشكيل للعدد معنى واضحًا.
د - رومية 10:10
من الممكن أن يُفهم هذا العدد بحيث تعود كلمة "به" على المسيح، فالقلب يؤمن به أي بالمسيح والفم يعترف به أي بالمسيح. ولكن إذا لاحظنا التشكيل الصحيح الموجود على كلمتي "يؤمَنُ" "يُعترف" نكتشف أن كلمة "به" تعود على القلب والفم إذ هي وسيلة الإيمان ووسيلة الاعتراف فيكون المقصود بالعدد "لأن القلب هو وسيلة الإيمان للبر والفم هو وسيلة الاعتراف لإظهار الخلاص".
وهكذا فإن العديد من الأمثلة تُظهر أهمية القراءة بتشكيل صحيح وهذا يستوجب التركيز الشديد أثناء القراءة لأننا أمام الكتاب المقدس الذي يعلن عن شخص الله. وكم يعتقد الكثيرون أن هذا الأمر ليس بهذه الدرجة من الأهمية وأن هذا نوع من أنواع المظهرية إلا أن الكتاب المقدس قد كُتب في الواقع لكي يُفهم.
(2) القراءة في ضوء القرينة (سياق النص)
وكلمة "القرين" في اللغة العربية تعني (الصاحب). وفي فهم النص الكتابي يكون المقصود هو الجزء المصاحب للآية أو ما يسمى سياق النص. وهناك الكثير من الكلمات والجمل التي تُعطي معاني مختلفة باختلاف القرينة المرافقة. فعلى سبيل المثال كلمة (البيت) تعني المنزل ويمكن أن تكون (الشقة) وتستخدم أحيانًا بمعنى (العائلة) وذلك بحسب المكان والبيئة. وهذا يعود إلى موضع الكلمة في الجملة وموقع الجملة من الفقرة بالإضافة إلى تأثير بعض العادات والتقاليد على مفهوم الكلمة. وينطبق هذا على قراءة الكتاب المقدس فإن كلمات وآيات كثيرة ستعطي معنى مختلفًا وبعيدًا عن ذاك الذي ستوضحه القرينة الخاصة بها فيما لو فهمت من خلالها. فهناك الكثير من الكلمات التي تُعطي بُعداً ومعنى مختلف يختلف بإختلاف سياق النص مثل كلمة "الناموس" فنجدها بمعنى "شريعة موسى" كما استخدمها بولس الرسول في رسالته إلى رومية وأيضاً إلى غلاطية وجاءت بمعنى آخر هو "قانون أو نظام".
وأيضاً نجد كلمة "الخلاص" تظهر في الكتاب بأكثر من معنى وليست كل كلمة "خلاص" تعني المفهوم اللاهوتي للخلاص من الخطية فنجد مثلاً في:
1 ) خروج 14 :13،30 خلاص الرب بمعنى الإنقاذ من الأعداء.
2 ) مزمور 33: 16 يخلص بمعنى الانتصار في الحرب.
3 ) لوقا 7: 50 خلصك بمعنى الغفران والمسامحة عن الخطايا.
4 ) لوقا 8: 36 خلص بمعنى الشفاء من المرض.
وأيضًا كلمة "القلب":
1) نحميا 4: 6 قلب بمعنى إصرار وعزيمة (هدف ورؤية).
2 ) متى 6: 21 قلبك بمعنى الفكر.
3 ) يعقوب 4: 8 قلوبكم بمعنى الضمير.
4 ) 2بطرس 1: 19 قلوبكم بمعنى العقل.
وكذلك الأمر بالنسبة للآيات، إذ نجد مثلاً قد استخدمه المسيح بأكثر من معنى وذلك بحسب اختلاف القرينة وهو "مثل الخروف الضال" كما ذُكر في: (لو 15: 1-7) و(مت 18: 10-14).
وفي الجدول التالي سوف يتم استعراض لاختلاف المعاني عن طريق التعرف على القرينة المختلفة للمثالين:
بالنظر إلى هذا الجدول نكتشف أن في لو 15: 1-7 قال المسيح المثل ليرد على الكتبة والفريسيين الذين تذمروا لتناوله الطعام مع الخطاة. وأخبرهم عندئذ أنهم مسئولون عن ضياع خراف كثيرة بسبب برهم الذاتي. لذا تحدث عن الذي يملك (أي فريسي) مائة خروف وأضاع واحدًا منها (أيْ خطاة). وقد ختم السيد المسيح المثل بقوله إن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة. وهذا يعني أن الذين لا يحتاجون إلى توبة هم الذين يظنون أنفسهم أبرارًا بدرجة كافية (الفريسيون والكتبة) وليسوا بحاجة للرجوع إلى الله.
أما في إنجيل مت 18 :10-14 نجد أن المسيح استخدم هذا المثل في ضوء قرينة أخرى فكان يشرح لتلاميذه أن مشيئة الآب السماوي لا تسمح بأن يُهلك أحد وأن المسيح جاء لأجل الضال. فشبه الخروف الذي ضل بالإنسان المؤمن الذي يضل وعملية البحث المستمرة من جانب الإنسان الذي يملك المائة خروف تشبه مشيئة الآب السماوي التي تبحث عن الضال (المؤمن الضعيف) حتى لا يهلك.
نلاحظ أن ذكر نفس المثل مع اختلاف القرينة في كلا الموضعين أعطى لنا معنى آخر واستخدامًا جديدًا مختلفًا لذات المثل.
- أنواع القرائن ودورها في إيضاح المعاني:
أ. القرينة المباشرة (القريبة)
ويقصد بالقرينة المباشرة أقرب جزء من النص للعدد. وقد يصل هذا الجزء القريب إلى أعداد قليلة قبل العدد أو بعده أو قد يشمل الأصحاح بأكمله. وهناك أعداد لا يستدل على معناها الدقيق بعيدًا عن القرينة المباشرة. وكثيرًا ما نستخدم ونردد عبارات كتابية بعيدًا عن معناها الذي يظهر بكل وضوح من خلال القرينة المباشرة، ومع تكرار المعنى الغير صحيح وبمرور الزمن نجده وقد ترسب في داخلنا ليخرج باتجاهات فكرية أو سلوكيات عملية. وإليكم بعض الأمثلة:
* إشعياء 6 :8 «8ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلاً: «مَنْ أُرْسِلُ؟ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟» فَقُلْتُ: «هأَنَذَا أَرْسِلْنِي».
يُفهم هذا العدد دائمًا على أنه دعوة للكرازة وإعلان الإنجيل، ويشجع الواعظون أعضاء الكنائس على الكرازة بناء على هذا العدد. ولكن إذا نظرنا بتدقيق أكثر سوف تكشف لنا القرينة التي تبدأ من العدد الأول حتى العدد الأخير من الإصحاح أن ع8 ما هو إلا دعوة للبحث عن شخص يعلن دينونة الله للشعب لا عن الدعوة للكرازة وإعلان الخبر السار.
*مزمور 127 :4 «كَسِهامٍ بيَدِ جَبّارٍ، هكذا أبناءُ الشَّبيبَةِ».
من الطبيعي عندما نقرأ هذه الآية بعيدة عن الجزء الذي ذُكرت فيه تُظهر أن الجبار في هذه الآية هو الله الذي يمسك بيده الشباب كسهم ولكن إذا رجعنا للجزء كله في المزمور نجد من ع13-15 أن كاتب المزمور يتكلم عن الأبناء إذ هم ميراث من عند الرب وإن الرجل عندما يتزوج وينجب وهو شاب يكون كرجل بيده مجموعة من السهام يستطيع أن يحارب بها وهذا يتضح من ع14 عندما يذكر: طوبى للذي ملأ جعبته منهم أي من ينجب أولاد (الذين هم ميراث من عند الرب) وهو في سن مبكر يستطيع أن يتسلح بهم.
* أعمال 27 :15 «...سَلَّمْنَا، فَصِرْنَا نُحْمَلُ....».
لو قُرىء هذا العدد بعيدًا عن القرينة الخاصة به لفهمنا أنه عند تسليم أنفسنا إلى الله والاتكال عليه سيحملنا الرب على يده فوق مشاكلنا. مع أن القرينة التي تبدأ من الأعداد 14 وحتى 20 تُظهر أن هذا وصف قيل عندما فقدت الجماعة كل أمل في النجاة ولم يعد بالإمكان مقاومة الرياح التي أتت عليهم فاستسلموا للرياح التي حملت السفينة في الاتجاه الذي تحدده الرياح أي أن الرياح أخذت تتلاعب بالسفينة.
ملاحظات:
(1) نرى مما سبق أنه يتوجب علينا قراءة الكتاب المقدس بعيدًا عن أية خلفية عرفناها مسبقًا للآيات، وأن الآيات مرتبطة ببعض ولا نستطيع بناء عقيدة ما على آية واحدة فقط.
وكثيرة هي الأمثلة التي نقرأها في الكتاب المقدس بفكر مسبق وبعيدًا عن القرينة مما يجعلنا لا ندرك المعنى الحقيقي للنص.
(2) إن القرينة المباشرة (القريبة) تساعد على فهم أجزاء كثيرة في الكتاب المقدس أما باقي أنواع القرائن فهي تفيد في الدراسة المتعمقة.
ب. القرينة البعيدة
يقصد بها السِّفر أو الرسالة بأكلمها التي جاءت فيها الآية إذ يناقش كل سفر من أسفار الكتاب هدفًا عامًا أو أكثر، ولدى فهمنا لما يستعرضه السفر تتضح معاني الآيات التي احتواها.
* مثال ذلك موضوع الإيمان والأعمال
«14مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ، هَلْ يَقْدِرُ الْإِيمَانُ أَنْ يُخَلصَهُ؟ ... 17هكَذَا الْإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فيِ ذَاتِهِ. 18لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ:«أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ»أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي... 20وَلكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الْإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟...24تَرَوْنَ إِذًا أَنَّهُ بِالْأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الْإِنْسَانُ، لا َبِالْإِيمَانِ وَحْدَهُ».(يعقوب 2 :24،20،14،17،14،12)
وبالمقارنة بالآيات التي جاءت في غلاطية
«16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لِأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.... 11وَلكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لِأَنَّ «الْبَارَّ بِالْإِيمَانِ يَحْيَا»... . 24إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالْإِيمَانِ».(غلاطيه 2: 16،3: 24،11 )
وبالعودة للقرينة البعيدة لكلا الرسالتين يتبين لنا القصد من هذا فتكشف لنا رسالة غلاطية عن سبب كتابتها وهو ظهور بعض التقاليد التي نادى بها بعض المعلمين وهم يدعون للتمسك بالتعاليم الموسوية القديمة وهي العودة إلى الختان وخصوصًا للأمميين. فما كان من بولس الرسول إلا توضيح أنه بالإيمان وحده فقط يتبرر الإنسان لا بأعمال الناموس متخذًا حياة إبراهيم نموذجًا لذلك. في حين كان هدف رسالة يعقوب هو الإيمان العامل والسلوك المسيحي بمعنى أنها تتكلم عن الجانب العملي والاجتماعي لإيمان المسيحي. وبذلك فإن يعقوب الرسول وضح كيفية التبرير أمام الناس (براءة الايمان) أما الرسول بولس فتكلم عن التبرير أمام الله (أي ما يقبله الله وهو عمل المسيح الكامل).
وهناك أمثلة عديدة تؤكد أن فهم الآيات يستند على فهم السفر ككل. فمثلاً قد نتساءل عن سبب ذكر متى البشير في إنجيله لكثير من الآيات المأخوذة من العهد القديم وكذلك سلسلة نسب المسيح، والإجابة على هذا التساؤل تتضح بمعرفة هدف السفر كله، إذ يُظهر المسيح الذي تمت فيه كل الوعود والنبوات التي تنبأ بها الأنبياء. ويبرهن على ذلك بالاستعانة بشواهد من نبوات العهد القديم وهو حلقة وصل بين العهدين القديم والجديد.
أما إنجيل مرقس فيهتم بالمسيح الخادم، فيذكر كل ما عمله المسيح ولا يهتم بذكر التعاليم والمواعظ وهو يعرض ذلك بأسلوب تاريخي متسلسل. ويركز إنجيل لوقا على أن يسوع هو المخلص الإلهي للعالم أجمع إذ تراه يتعامل مع السامريين واليهود ويملك المخلص القدرة الإلهية على شفاء النفس والجسد شفاء كاملاً للدهر الحاضر وإلى الأبد.
بينما يتكلم يوحنا البشير في إنجيله عن لاهوت المسيح للرد على البدع المختلفة التي ظهرت في زمانه والتي تشكك في لاهوت المسيح.
وهذا يؤكد أن فهمنا لموضوع السفر وهدفه (القرينة البعيدة) يلعب دورًا هامًا في فهم الآيات وسبب كتابتها.
ج. القرينة الكتابية
ويقصد بها الكتاب المقدس بأكمله كوحدة متكاملة بمعنى أن بعض الآيات والكلمات والمعاني لا تُفهم إلا في ضوء فهمنا للكتاب المقدس ككل. مثال ذلك:
* مفهوم "ملكوت الله"
لا نستطيع إدراكه من خلال آية أو سفر معين ولكن من خلال الكتاب كله لأن مفهوم الملكوت في العهد القديم له إطار، ومفهوم الملكوت في العهد الجديد له إطار آخر وهما يكملان بعضهما البعض حتى يظهر معنى ملكوت الله.
* علاقة الناموس والنعمة
نقع في خطأ كبير عندما نعلن أن العهد الجديد هو فقط عهد النعمة وأن العهد القديم هو فقط عهد الناموس. وننسى أن النعمة كانت موجودة أيضًا في العهد القديم ويوجد في العهد الجديد ناموس أيضًا ولكن النعمة في العهد القديم لها إطار مختلف عن العهد الجديد وكذلك الناموس أيضًا. فلكي نفهم النعمة والناموس وما هما يجب أن نحصل على ذلك من خلال الكتاب المقدس ككل.
ولذلك يجب أن نتعامل مع الكتاب المقدس كوحدة واحدة متكاملة مترابطة.
د. القرينة التاريخية
وتعني الظروف والأحداث والتواريخ والعادات والتقاليد والحضارات المختلفة التي صاحبت زمن كتابة السفر.
فكثير من الآيات يستدل على المعنى المراد منها عند المعرفة الحقيقية للخلفية التاريخية. فقبل الدخول إلى أعماق رسالة الرسول يوحنا الأولى نجد أن هناك تعاليم خاطئة دخلت إلى كنيسة أفسس في نهاية القرن الأول الميلادي مما جعل الرسول يوحنا يرد على هذه التعاليم مستخدمًا بعض التركيبات اللغوية والتي تعتبر غريبة علينا. وهذه التعاليم تمثلت في ثلاث مدارس فكرية وهي:
* فكر الغنوسية
والتي من أفكارها أن العالم المادي شر لا يمكن أن ينسب خلقه إلى الله وبالتالي رفضت التجسد ودخول الله إلى العالم والتاريخ وأيضًا جردت يسوع المسيح من ألوهيته.
كما أن هناك فكرها عن الخطية والجسد والمتمثل في أحد المواقف الثلاثة التي رد عليها يوحنا الرسول:-
* فكر الدوستية
نادى أصحاب هذا المبدأ بأن جسد يسوع كان شبحًا أو خيالاً أو مظهرًا لكنه لم يكن جسدًا ماديًّا وأن يسوع قد بدا وظهر لتلاميذه أنه جاع وعطش وأنه بكى وحزن وفرح وأنه تألم وصلب ومات... كل هذا في الظاهر فقط. وذهبوا إلى حد القول بأن الذي صُلب في الواقع بدلاً منه "سمعان القيرواني" لذلك كان رد يوحنا الرسول عليهم في:
«1اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ».(1يو 1:1)
«3وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فيِ الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فيِ الْعَالَمِ».(1يو 4 :3)
«7لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِيًا فيِ الْجَسَدِ. هذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ».(2يو 7)
* فكر المعلم كيرنثوس
نادى هذا المعلم بالفصل ما بين يسوع الإنسان والمسيح القدوس، وقال أيضًا يسوع كان إنسانًا وله ميلاد طبيعي مثل غيره، ولكن عند المعمودية اقترن يسوع الإنسان والمسيح القدوس معًا وقد عاش حياته في طاعة لكن في الأيام الأخيرة وقبل حادثة الصلب فارق المسيح القدوس حياة يسوع الإنسان. لذا فإن المسيح القدوس لم يتعرض أبدًا لأي ألم. وأصبح الذي تألم هو فقط جسد يسوع البشري. وهذا الجسد البشري وحده هو الذي مات وأيضًا قام.
لذلك كان رد يوحنا الرسول في رسالته كالآتي:
«22مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالِابْنَ. 23كُلُّ مَنْ يُنْكِرُ الِابْنَ لَيْسَ لَهُ الآبُ أَيْضًا، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالِابْنِ فَلَهُ الآبُ أَيْضًا». (يوحنا الأولى 2 :23،22)
«5مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟».(يوحنا الأولى 5:5)
يتضح مما سبق أن هناك آيات كثيرة لا نستطيع الوصول إلى معناها وقوتها إلا إذا عرفنا الخلفية التاريخية التي صاحبت الكتابة في ذلك الوقت. وهناك العديد من الأمثلة في العهد الجديد التي تفرض علينا فهم ومعرفة الخلفية والقرينة التاريخية والاجتماعية لدى قراءة الكتاب المقدس.
فمثلاً لما ذكر الرسول بولس في رسالته إلى كولوسي « قد صالَحَكُمُ الآنَ 22 في جِسمِ بَشَريَّتِهِ بالمَوتِ،» فهذا تعبير غريب ولكنه مقصود لأن الرسول بولس كان يرد على الغنوسيين اللذين يدّعون أن السيد المسيح لم يأتٍ بجسد حقيقي وإنما بجسد غير ملموس.
(3) القراءة مع ملاحظة علامات الترقيم
ما هي علامات الترقيم وما أهميتها؟
ملاحظة هامة: في الطبعة الموجودة بين أيدينا لا توجد علامات ترقيم. ولكن في الطبعة الجديدة للكتاب المقدس فهي تحتوي على علامات الترقيم كما هي موجودة في الأصل
علامات الترقيم كثيرة ومنها الآتي:
النقطة (.) - الفصلة (،) - علامة الاستفهام (؟) - علامة التعجب (!) - علامة التنصيص ("") الأقواس ( ) وهكذا. فكل علامة تدل على شيء في القراءة وبالتالي على فهم المعنى وهناك أمثلة على أهمية استخدامها في الكتاب المقدس. وبالعودة إلى تاريخية الكتاب المقدس نعرف أن الأسفار والأناجيل والرسائل لم تُكتب في بداية تدوينها مقسمة إلى إصحاحات وأعداد وفقرات منتهية بنقاط. بل كتبت كقطعة واحدة وبعدها بزمن بعيد جاء من قسَّم الأسفار إلى إصحاحات وأعداد لتسهيل القراءة والبحث والدراسة، وأصبح الكتاب في وضعه الحالي.
فمن المعروف أن نهاية الجملة تقع بعدها نقطة (.) لذلك يجب أن نلاحظ عند قراءة الكتاب أنه ليس بالضرورة أن تكون نهاية الأصحاح هي نهاية الفكرة ولا بداية الأصحاح هي بداية لفكرة جديدة، بل قد تستمر الفكرة على مدار أصحاحين ونصف. وفي ترجمة (كرنيليوس فاندايك) للكتاب المقدس التي بين أيدينا نجد تصحيحًا لبعض التقسيمات. ففي سفر إشعياء نجد الأصحاح الثالث والخمسين يبدأ بآخر فقرة من الأصحاح الثاني والخمسين التي تبدأ مع13 لأن أصحاح 53 هو امتداد للفكرة التي بدأت في أصحاح 52.
* ومثال آخر في إنجيل مرقس، فإن الأصحاح التاسع يبدأ من آخر عدد في الأصحاح الثامن كي يظهر معنى الآية:
«إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا ابْنَ الْإِنْسَانِ آتِيًا فيِ مَلَكُوتِهِ».
لأن في إنجيل متى 16 :28 ومرقس 9 :1 ولوقا 9 :27 نجد أن حادثة التجلي تلي هذه الآية مباشرة وبذلك يُفهم القصد من هذه الآية بالتحديد.
وسوف نتحدث هنا عن أهمية كل علامة من علامات الترقيم مع بعض الأمثلة.
أ - أهمية علامة الفصلة (،)وكيف يتغير المعنى إذا وضعنا الفصلة قبل كلمة أو بعدها مما يجعلنا ندقق جدًا في قراءتنا للكتاب المقدس.
* فمثلاً نجد في يوحنا الأولى 3:3 أن وضع فصلة في منتصف العدد يغير من المعنى فإذا وضعنا فصلة بعد كلمة "الرجاء" ستعود كلمة "به" على الرجاء أما إذا وضعنا فصلة بعد كلمة "به" فسوف تعود على الشخص الذي يُعطي الرجاء.
القراءة الأولى: «3وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ، بِهِ يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ».
القراءة الثانية: «3وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ».
* ومثال آخر في مزمور 94 :19 أيضًا من الممكن أن يكون لها معنيان حسب وضع الفصلة.
فالقراءة الأولى هي: «19عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فيِ دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذذُ نَفْسِي». أي أن الهموم هي التي بالداخل.
أما القراءة الثانية هي: «19عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي، فيِ دَاخِلِي تَعْزِيَاتُكَ تُلَذذُ نَفْسِي». أي أن التعزيات هي التي بداخلي.
فمن الواضح أن الفصلة علامة هامة جدًا تغير من المعنى لذلك يجب الانتباه إليها.
فالتركيز أثناء قراءة الكتاب المقدس أمر مطلوب لأنه ليس كتابًا عاديًا بل هو كتاب يعلن عن شخص الله. لذلك فهو يحتاج إلى كل جهد وتركيز واحترام في قراءته.
ب - أهمية علامة الاستفهام (؟)فمعنى الآية يتغير إذا كانت الجملة استفهامية أو خبرية. فأحيانًا نقرأ الآيات على أنها جمل خبرية بالرغم من كونها استفهامية أي بصيغة السؤال وبذلك يختلف المعنى.
* مثال ذلك الآية الموجودة في يوحنا 12 :27
«27اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ: أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟ وَلكِنْ لِأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ».
ويبدو لأول وهلة أن السيد المسيح يريد أن ينجيه الآب من هذه الساعة. ولكن الآية في الأصل تنتهي بعلامة استفهام فيصبح المعنى: إنه رغم نفسي المضطربة فإني لا أقول أيها الآب نجني من هذه الساعة لأني لأجل هذه قد أتيت. أي أن المسيح يستنكر أن يطلب من الآب الإنقاذ من هذه الساعة.
* وأيضًا في إشعياء 45 :11
«11هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ وَجَابِلُهُ:»اِسْأَلُونِي عَنِ الآتِيَاتِ! مِنْ جِهَةِ بَنِيَّ وَمِنْ جِهَةِ عَمَلِ يَدِي أَوْصُونِي!».
يبدو أن الرب يدعونا أن نطلب منه أن نوصيه على بنيه وعلى عمله كي يعمل. ولكن بوجود علامة الاستفهام فالمعنى يدل على أن الرب يستنكر أن نوصيه على عمله وبنيه ويصبح المعنى أتسألونني عن الآتيات؟ أتوصونني على عمل يدي؟ وهذا واضح ابتداء من ع 12 إذ يقول الرب: أنا صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها وهو بذلك يريد القول لا توصوني على عمل يدي فأنا أعرف ما يجب عمله لأني خلقت الإنسان وصنعت الأرض.
ج - وتوجد علامة أخرى وهي " "وتسمى علامة التنصيص أي وضع النص بين قوسين ويبدو للوهلة الأولى أنها ليست لها أهمية كبيرة، ولكن على سبيل المثال توجد أجزاء كثيرة في أسفار الأنبياء يصعب معرفة معناها بسبب عدم وضوح متى ينتهي كلام الله إلى النبي ومتى يبدأ كلام النبي إلى الشعب.
* ففي سفر حبقوق الأصحاح الأول من 1-17 غير واضح أين كلام الله إلى النبي وأين كلام النبي. ولكن بملاحظة علامات التنصيص على كلام الله إلى النبي نستطيع أن نعرف أن من ع 2-4 كلام النبي إلى الله.
ع5 «اُنْظُرُوا بَيْنَ الْأُمَمِ،....... هذِهِ قُوَّتُهَا إِلهُهَا» كلام الله إلى النبي ع 12-17 كلام النبي وهكذا
فوجود علامات التنصيص شيء هام جدًا.
* و تستخدم علامات التنصيص أيضًا في فهم هل هذا الكلام اقتباس من قول سابق أم من الكاتب نفسه على غرار ما جاء في كورنثوس الأولى6 :12 «كُلُّ الْأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الْأَشْيَاءِ تُوافِقُ. نعرف من ذلك أن الجزء الأول "كل الأشياء تحل لي" ما هو إلا اقتباس من البيئة الوثنية المحيطة بالكنيسة وكان المؤمنون في الكنيسة يتبعون هذا القول، لكن بولس الرسول قال لهم أنتم تقولون "كل الأشياء تحل لي" والرب يقول "ليس كل الأشياء توافق".
(4) القراءة في ضوء اللغات الأصلية
كُتب الكتاب المقدس باللغات الأصلية، وما النسخ التي بين أيدينا إلا نُسخ مترجمة عن هذه اللغات فقد كُتب العهد القديم باللغة العبرية وبعض الأجزاء باللغة الأرامية وهي لغة شقيقة للغة العبرية، في حين كُتب العهد الجديد باللغة اليونانية. ولا يستدل على معنى كثير من الآيات بدقة إلا بالعودة إلى اللغات الأصلية التي كتبت بها وذلك لاختلاف أزمنة الأفعال بين اللغات وكذلك التعبيرات والمصطلحات اللغوية. ومثال ذلك كلمة (الحب).
ففي اللغة العربية تستخدم هذه الكلمة لتدل على أكثر من معنى مثل: أنا أحب الله وأنا أحب زوجتي وأنا أحب مشاهدة مباريات الكرة وهكذا مع أن كل معنى يختلف عن الآخر. ولكن في اللغة اليونانية والتي كتب بها العهد الجديد توجد كلمة تعبر عن الحب لكل معنى وأشهر هذه المعاني هو ما ينطق باليونانية (Erosإيروس) وهي تعني حب الشهوة والامتلاك، والثانية (Philoفيلو) وتعني حب العاطفة والمشاعر البشرية الطبيعية والثالثة (Agapeأجابي) وهي تعني أكمل وأسمى صور المحبة التي تحوى التصميم الحازم والإرادة الصادقة والانتماء القوي الواضح لدائرة الإعلان الإلهي كحب الله للعالم يوحنا 3 :16.
ملاحظة: المعنى (Eros) لم يُستخدم في العهد الجديد ولكن استخدم في الترجمة اليونانية للعهد القديم المعروفة بالترجمة السبعينية في حادثة أمون بن داود وأخته ثامار صموئيل الثاني (13 :1-39).
تفسر لنا هذه االمعاني المختلفة لكلمة المحبة ما حدث في حوار السيد المسيح مع بطرس الرسول كما ورد في يوحنا 21 :15 عندما سأل السيد المسيح بطرس الرسول ثلاث مرات. نلاحظ أن السيد المسيح استخدم كلمة ليعبر عن الحب وكان رد بطرس بكلمة أخرى فكان الحوار كالتالي:
فبعد ما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس ياسمعان بن يونا (Agape) أكثر من هؤلاء قال له نعم يارب أنت تعلم أني (Philo) قال له ارع خرافي قال له أيضًا ثانية ياسمعان بن يونا (Agape) قال له نعم يارب أنت تعلم أني (Agape) فقال له ارع غنمي قال له ثالثة ياسمعان بن يونا (Philo) فحزن بطرس لأنه قال له ثالثة (Philo) فقال له يارب أنت تعلم كل شيء أنت تعرف أني (Agape).
فعندما نعرف أصل الكلمات المستخدمة نستطيع أن نعرف لماذا كرر المسيح السؤال ثلاث مرات.
* ومثال آخر يُظهر أهمية الرجوع إلى اللغة الأصلية هو ما جاء في يوحنا 5 :39«39فَتِّشُوا الْكُتُبَ لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. 40وَلاَ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ».
نكتشف من أول نظرة إلى هذا العدد أن السيد المسيح يدعونا بصيغة الأمر إلى أن نفتش الكتب ولكن مع التدقيق في هذا العدد نكتشف أنه لا يتكلم بصيغة الأمر لأنه يقول "لأنكم تظنون" إذًا ما هو المعنى الصحيح؟ نكتشف بعد الرجوع إلى الأصول اللغوية أن زمن الفعل المستخدم في كلمة »فتشوا« يعطي المعنى الآتي (وأنتم مازلتم تقومون بعملية البحث والتفتيش في الكتب ظانين أن لكم فيها حياة أبدية. فالكتب هذه هي تشهد لي. وأنتم لاتريدون أن تأتوا إليَّ لكي أعطيكم الحياة). لأن هذا الزمن يغطي حدوث الفعل في الماضي وحدوثه الآن وأيضًا استمرارية حدوثه ولا توجد كلمة في اللغة العربية تعبر عن هذا الزمن. لذلك من المفيد الرجوع لبعض الترجمات الأخرى للكتاب المقدس للمساعدة على الوصول إلى المعنى الدقيق.
وليس القصد من هذه الملاحظة أن يلم القارىء باللغات الأصلية وإنما يأخذ بعين الاعتبار عدم ظهور المعنى الحقيقي دائمًا بسبب اختلاف التعبير في الترجمة عن اللغة الأصلية.
بعد ذكر هذه النقاط الفنية نود التأكيد على أن الغاية من ذكرها ليس اظهار الأخطاء التي قد يقع فيها البعض وإنما نهدف في الحقيقة إلى اظهار الحاجة إلى ضرورة اعطاء المزيد من الجهد والتركيز أثناء قراءة الكلمة المقدسة وبفكر جديد.
(5) القراءة مراعيًا أنواع النصوص المختلفة
معرفتنا بأن الكتاب المقدس مكتوب بأكثر من أسلوب أدبي يجعلنا نستفيد بأكثر صورة ممكنة. فتوجد أجزاء من الكتاب مكتوبة بأسلوب القصص والسرد التاريخي وأخرى بأسلوب الشعر العبري وأخرى بأسلوب أدب النبوات وأخرى نصوص تعليمية وهكذا فكل نوع من هذه النصوص يختلف في طريقة السرد وكذلك في طريقة الفهم وإليكم الأمثلة على ذلك:
أ - النصوص الشعرية
وهي مثل أيوب - المزامير - نشيد الأنشاد - جامعة - أمثال وبعض أجزاء من أسفار الأنبياء غير أجزاء متفرقة من العهد القديم.
فمن المعروف أن دائمًا الشعر يستخدم الصور البلاغية لإبراز المعنى مثل ما ذكر عن الله في مزمور18 :6-10
«6 فيِ ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ، وَإِلَى إِلهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي، وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ. 7فَارْتَجَّتِ الْأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ، أُسُسُ الْجِبَالِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ لِأَنَّهُ غَضِبَ. 8صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ. 9طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ، وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. 10رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَهَفَّ عَلَى أَجْنِحَةِ الريَاح».
لذلك عند قراءة جزء من الأجزاء الشعرية في الكتاب المقدس يجب أن يوضع في الاعتبار ما هو صور بلاغية تعبر عن معنى يقصده الكتاب ولا يجب التعامل معه بصورة حرفية.
ب - النصوص التعليمية
وهي مثل الرسائل في العهد الجديد ففيها يتم إبلاغ الكنيسة أو الشخص بمجموعة من التعاليم سواء السلوكية أو العقائدية فمثلاً يستخدم الكاتب أسلوب علمي مبني على الشرح والتوضيح والاستنتاج. فمثلاً يبدأ بفكرة ثم يؤكدها بأفكار فرعية ثم ينتهي بتطبيق عملي على هذه الفكرة مثل ما جاء في كورنثوس الثانية 1: 15-2 :17 بدأ يشرح فكرة أنه يريد أن يقوم بمجموعة زيارات لعدد من المناطق ومنها كورنثوس ثم أخذ ابتداء من ع 17 يشرح لماذا لم يستطع تنفيذ ذلك حتى أتى ع 14 من الإصحاح الثاني الذي بدأ فيه تطبيق مبدأ ما تعلمه من خلاله، لذا نحتاج أن نعرف عند قراءتنا للكتاب المقدس متى بدأ الكاتب الفكرة ومتى بدأ يشرحها ومتى بدأ يطبقها وإلا لن نفهم عن ماذا يتكلم الكاتب.
ج - قصص الكتاب المقدس (الأسلوب التاريخي)
وهي مثل كل أسفار التوراة (أسفار موسى الخمسة) والأسفار التاريخية ابتداء من يشوع وحتى أستير ويظهر ذلك أحيانًا كثيرة في صورة قصص متتابعة لذلك عند القراءة يجب ملاحظة أن القصص والتاريخ كلها حقائق مؤكدة حدثت بالفعل لأصحاب هذه القصص وأن ما ذُكر منها ليس بالضرورة هو كل ما حدث ولكن ذُكر ما أراد الله أن يخبره لنا من هذه الأحداث لذلك لا داعي أن نستنتج ما هي باقي القصص أو الحدث ولكن علينا أن نرى الله من خلال ما ذكر من أحداث وإلا سوف نجبر على أن نضيف أحداثًا من نسج الخيال وبالتالي نطبق ونعيش بناء على ما قد تخيلناه عن القصة.
د - النصوص النبوية
وهي مثل أسفار الأنبياء في العهد القديم والتي تبدأ من إشعياء وتنتهي بملاخي، وعندما تُذكر كلمة نبوة تؤخذ دائمًا على أنها إخبار عن أحداث مستقبلية ولكن يجب فهم هذه الأسفار على أنها كلام الله إلى الشعب عن طريق شخص وهو النبي بأمور خاصة بظروفهم التاريخية. فالأحداث المذكورة أحداث عن أشياء حقيقية حدثت بالفعل وأحداث أخرى سوف تحدث في المستقبل القريب للشعب في ذلك الوقت، ولكنها ليست بالضرورة تخبرنا عن أحداث مستقبلية بعيدة جدًا. فإذا أدركنا ذلك لا نجبر على أن نرى في الأحداث الحالية من عالمنا اليوم تطبيق لأقوال ذكرت في العهد القديم وتتميم لأحداث النبوات في العهد القديم لذلك يجب أن نعرف كيف نفهم أسفار الأنبياء.
وهناك أنواع أخرى من النصوص كُتبت في الكتاب المقدس مثل الأسفار الرؤوية وأسفار الحكمة وهكذا.
ملاحظات هامة:
1 - وضع في الاعتبار أن هناك أسفار في الكتاب المقدس بها أكثر من نوع من أنواع النصوص مثلاً في سفر إشعياء فهو سفر من الأسفار النبوية ولكنه مكتوب بلغة الشعر العبري.
2 - يجب أن يفرد كتاب كامل عن كيفية التعامل مع كل نوع من أنواع النصوص في الكتاب المقدس وكيفية فهمها والتعامل معها ولكن هنا في هذا الكتيب نشير إليها باختصار لذلك عليك عزيزي القارىء أن تبحث وتفتش وتقوم بالدراسة بنفسك حتى تصل إلى ما يريده الله ان يعلمه لك من خلال الكلمة المقدسة.
ثانيًا: القواعد العملية
بعد استعراض القواعد الفنية سنضيف بعض القواعد العملية والتي تساعد على فهم الكلمة. ولا نعتبرها وصفة ينبغي اتباعها ولكن ننصح بها للوصول إلى عمق الكلمة المقدسة.
(1) اقرأ الكتاب المقدس معتمدًا على الروح القدس فهو شخص الله الكامل الذي يساعد على فهم ما هو مكتوب. إذ لا يمكن أن نفهم الكتاب المقدس بدون الخضوع لروح الله، لأن روح الله هو المؤلف الحقيقي للكتاب كما أعلن ذلك الرسول بطرس في رسالته الثانية 2بط 1 :21 «21لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ».
وعندما تكلم يسوع إلى تلاميذه كما ذكر في يو 6 :60 أخبره التلاميذ بأن كلامه صعب ولا يقدر أحد أن يسمعه فكان رد المسيح في يو 6 :63 «63اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ».
لذا لا توجد طريقة أخرى لفهم الكتاب إلا بالصلاة المتضرعة كي ينير الله عيوننا ويفهمنا فنعرف ونتغير بحسب المكتوب. وهذا ما أكده الرسول بولس في رسالته الأولى لأهل كورنثوس 1كو 2 :11-21 فيقول إنه مهما امتلك الإنسان من مقومات الحكمة والمعرفة فإنه يقف عاجزًا أمام الأمور الخاصة بمعرفة الله دون الروح القدس.
(2) اهتم بالكيف ولا تبحث عن الكم إذ غالبًا ما نتحدث عن كمية القراءة في الكتاب المقدس ونعد الإصحاحات التي قد تتجاوز الثلاثة في اليوم. وربما نسمع من يقول إنه ينهي قراءة الكتاب بأكمله كل ستة أشهر، وهذا كله جيد لكن الأهم هو مقدار ما فهمناه، وإلى أية أبعاد وصلت علاقتنا بالله حتى ولو لم تتجاوز كمية القراءة عددين في اليوم. المقدار ليس ضروريًا بل الجلوس أمام الكلمة لنشعر بالغنى والشبع الحقيقي من عند الرب.
(3) توقع الجديد من روح الله لنفس النص عن معاني الآيات وتسلسل الأحداث ولا تتعامل مع الكلمة بأفكار مسبقة فإن ذلك لن يضيف لك جديدًا. فقراءة قصة أو مَثَل أو نبوة قد سمعتها من واعظ أو قرأتها من قبل ستجعلك تستعجل قراءتها لمعرفتك المسبقة بالأحداث. وبالتالي لن تدقق في التفاصيل والمعاني الجديدة بل ستضيف أنت معاني تفرضها على النص بدلاً من المعنى الذي يفترض أن يُغيرك. مثال ذلك مثل الخروف الضال الذي ذكر في لوقا15 :1-7 ففي كل مرة نقرأ فيها هذا المثل نخرج بصورة راع ضاع منه خروف وبحث عنه فوجده بين الشوك والحجارة وذلك نتيجة معرفتنا المسبقة بالمثل والخلفية القديمة التي لدينا. وبالتدقيق نكتشف أن المثل لا يتحدث عن أي راع وإنما تحدث السيد المسيح عن الفريسيين والكتبة إذ قال:
«4أيُّ إنْسانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَروفٍ، وأضاعَ واحِدًا مِنْها،».
فهو يعنيهم بالتحديد ويحملهم مسئولية ضياع الخروف. ولا يحوي المثل أية أشواك أو حجارة. كل هذه الأشياء تجعلني أفسر المثل بصورة مختلفة بما يتناسب والقصة. والأمثلة عديدة على آيات نعرفها وقصص لا نبذل مجهودًا في فهمها لمعرفتنا المسبقة لها.
* مثال آخر: يوحنا8 :1-11 وهي قصة المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل. غالبًا ما نظن أن السيد المسيح انحنى على الأرض واخذ يكتب (ماذا كان يكتب؟) الإجابة أنه يكتب خطايا الناس الواقفين المستعدين لرجم المرأة التي أمسكت في ذات الفعل ولكن لا يوجد أي دليل على ذلك. بل على العكس يوجد في النص «وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا».
ولم يذكر الكتاب ان هناك كتابة لخطايا الناس على الأرض ولكن هذه الفكرة أول ماظهرت كانت في إنجيل برنابا (المزيف) والذي ظهر في القرن الرابع عشر تقريبًا.
(4) اختر الوقت والمكان المناسبين: يحدد الكثيرون موعدًا للقراءة والجلوس أمام الرب في الصباح أو المساء. وهذا ليس شرطًا والأهم هو التركيز أمام كلمة الله بأعلى نسبة ممكنة حتى ولو كان ذلك ظُهرًا. ولا يهم ثبات الموعد في كل يوم وإن كان يفضل ذلك ولكن لكل شخص حرية اختيار الوقت والمكان المناسب الذي يساعده على التركيز.
(5) ابدأ القراءة بالترتيب دائمًا وهذا لا يعني من بداية سفر التكوين تتبعه باقي الأسفار، بل المقصود هو ألا تقرأ اليوم في سفر إشعياء وغدًا في إنجيل يوحنا. فالقراءة يجب أن تكون في أول السفر حتى نهايته ثم الانتقال إلى سفر آخر والله يتعامل معنا بنظام لا بعشوائية لأنه إله نظام وترتيب وكلمة الله مكتوبة بنظام ولكي نفهم سياق النص (القرينة). وعندما يمر أشخاص بمواقف معينة صعبة كموت الأقارب أو محنة ما فإنهم يفتحون الكتاب على أجزاء معينة للتشجيع وبعد انفراج الأزمات فإنهم يفتحون الكتاب على أجزاء أخرى. ولكن الكتاب المقدس لم يكتب بهذه العشوائية التي تصيب أحيانًا قليلة وتخفق مئات المرات.
(6) اقرأ مقدمات الأسفار التي توضح الخلفية الحقيقية لكتابة هذا السفر وما هي الظروف المحيطة بالكتابة قبل قراءة أي سفر تجعل القارئ واعيًا للأحداث ومدركًا لمعاني الآيات. فمثلاً معرفتنا أن الرسالة إلى العبرانيين ُكتبت موجهه لليهود الذين اهتدوا إلى الإيمان بالمسيح وتعرضوا للعودة إلى الممارسات اليهودية، تمكننا من فهم سبب كتابة الرسالة وذكر الكاتب فكرة الارتداد أكثر من مرة في الأصحاح السادس والعاشر من هذه الرسالة وهكذا... ولا يُطلب أكثر من معرفة بسيطة لظروف السفر عمومًا وهناك كتب كثيرة تذكر مقدمة عن الأسفار.
(7) استعن بالترجمات المختلفة للكتاب المقدس باللغة العربية أو باللغات المختلفة التي يمكن أن تجيدها كالإنجليزية أوالفرنسية أو الألمانية لأن اختلاف أزمنة الأفعال وأيضًا الضمائر ومعاني الكلمات تظهر في بعض اللغات. لذلك فلا يجب أن يكون هناك أي خوف من استخدام ترجمات أخرى قد تكون مفيدة في معرفة معاني جديدة لكلمة الله.
(8) ابحث في معاني الكلمات الصعبة التي قد تصادفك أثناء قراءة الكتاب، لأنك قد تفقد كل معنى الجملة أو العدد في حالة عدم معرفتك بمعنى كلمة صعبة واحدة كما في أم 19 :13
«وَمُخَاصَمَاتُ الزَّوْجَةِ كَالْوَكْفِ الْمُتَتَابِعِ».
فاذا لم نعرف معنى كلمة "الوكف" يكون معنى الآية غامضًا ومعنى كلمة الوكف: نقاط المطر الصغيرة.
(9) استخدم أقلامًا ملونة لإظهار الآيات المفتاحية والكتابة على بعض الهوامش وبين الفصول لأي معان قد أضيفت لك. وإن كنت لا ترغب في التخطيط داخل الكتاب المقدس يمكنك استخدام ورق خاص تدون فيه كل التعليقات الخاصة بك واستخدام مثل هذا الأسلوب يزيد التركيز أثناء القراءة.
(10) درب نفسك على حفظ أجزاء من الكلمة المقدسة ولا تكتف بالقراءة. وإذا استنرت من أجزاء مختلفة من الكتاب المقدس فاصرف وقتًا كي تحفظها عن ظهر قلب كي يكون لديك رصيد داخلي من كلمة الله يفيدك في حياتك. وهذا لا يعني الحفظ لمجرد الترديد، بل لكي يكون الحفظ سهلاً ويستمر ثابتًا مدة طويلة يجب أن تحفظ ما تفاعلت معه، وما علمك إياه الرب. والمحصلة هي جزء لا ينسى من حياتك.
(11) لخص لنفسك ما قرأت بعد الانتهاء من القراءة بأسلوب يسهل تكراره أي حدد الذي قرأته اليوم، وما هو هدفه، وما الذي يمكنك تطبيقه، وكرر ذلك أكثر من مرة فهذا يفيد في ثبات ما قرأته طوال اليوم.
(12) شارك الآخرين(الزوج أو الزوجة، الأخ أو الصديق، مجموعة الخدام العاملين معك في الخدمة أو أي مجموعة لك معها شركة روحية) بما قرأته وما تعلمته وهذا إعلان أمام الله وأمام نفسك والآخرين بما أضيف إلى حياتك وسيجعلك تلهج بالكتاب المقدس.
كيف تدرس سفرًا
كيف تدرس سفرًا دراسة الأسفار هي خطوة أعمق من مجرد القراءة اليومية وهي أقرب إلى التفسير، ولن نتحدث عن التفسير ومدارسه في هذا الجزء بل سنتكلم عن الدراسة فقط، وسننوه إلى بعض الأخطاء التي نقع فيها عند دراستنا للأسفار والكلمة عمومًا.
والمقصود بالدراسة هو الوصول إلى المعنى الأصلي للكلمة أو الآية أو الجزء أو السفر كله وبعدها الوصول إلى المعنى الذي نطبقه في حياتنا لذا يجب التنبيه على خطورة ما يلي:
1- المعنى الحرفي
والدراسة لا تعني التفسير الحرفي للكتاب (الذي يعتبر أسهل أنواع التفسير). إذا تم التعامل مع الكلمة كما ذكرت بالنص والحرف وهذا يؤدي بنا إلى الدخول في متاهات التطبيق الذي لايتوافق مع يومنا هذا وسنقع في خطر عبودية الحرف المكتوب وليس حرية الفكر ورحابة التطبيق، وكثيرًا ما نجد أنفسنا أمام آيات نعجز عن فهمها حرفيًا فكيف نطبقها؟ على سبيل المثال نذكر:
«30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ» مت 5: 30وهذا أمر صعب للغاية لأن أعضاء جسدنا كلها تعثرنا مرات عديدة في اليوم وكثيرة هي الآيات التي نقف أمامها عاجزين عن تطبيقها حرفيًا. وهناك العديد ممن يعملون وفقًا لهذا المبدأ في التفسير مما يجعلهم يدخلون في دوامة من المشاكل لا تنتهي.
ولكن هناك أجزاء كثيرة من الكتاب لها معنى حرفي فقط وهنا لا توجد أي خطورة. فعندما يذكر الكتاب أن السيد المسيح دخل أورشليم فكلمة أورشليم ليس لها أي معنى رمزي أو مجازي وإنما تعني منطقة اسمها أورشليم وهكذا... فلا يجب أن نتعامل مع الكتاب بصورة حرفية إلا إذا كان المقصود فعلاً حرفيًا.
2- المعنى الرمزي (المجازي)
هناك من يجد فيما ذكر في الكتاب المقدس رموزًا تشير إلى معاني مختلفة وهذا أمر غاية في الخطورة لأننا سنرى الكثير من الأجزاء التي سنعجز عن الوصول إلى معناها المراد. وربما نجد ما يشير في الجزء الواحد إلى ما يرمز لأكثر من شيء وهذا سيحمل أكثر من معنى للجزء الواحد.
مثال:
مثل السامري الصالح فبالتفسير الرمزي يرى البعض أن:
أورشليم: ترمز إلى الحالة الروحية المرتفعة التي يحيا فيها الإنسان المؤمن.
أريحا: ترمز للسقوط من الحالة الروحية إلى حالة الضعف.
اللصوص: يرمزون إلى أعداء الإنسان الخطية وإبليس والعالم.
الجروح: ترمز لآثار الخطية على الإنسان.
الفندق: يرمز إلى الكنيسة.
السامري الصالح: القريب الذي يصنع الرحمة.
الدابة: السيد المسيح الذي حمل خطايانا.
وهكذا فكل ما ذكر في هذا المثل هو رمز معين أو إشارة إلى أي أمر آخر مما يضع أمامنا معاني عديدة ومختلفة لهذا النص. مع أن السيد المسيح ذكر المثل وغرضه أن يبين أن من يصنع الرحمة هو القريب وأدرك الناموسي ذلك وفهم معنى المثل.
ولا نستطيع تفسير الآيات بصورة رمزية أو مجازية إلا إذا كان معناها الأصلي في الكتاب رمزيًا أو مجازيًا كما ذكر السيد المسيح «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفيِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ».
يوحنا 2 :19
فإذا تتبعنا القرينة نجد أن السيد المسيح كان يرمز إلى جسده يو 2 :18-22 وكذلك ما ذكره الرب يسوع في يو7 :37.
«37وَفيِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً:»إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. 38مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَي× . 39قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ» وواضح أن هذه الآية مجازية.
3 - المعنى الروحي (الانطباعي)
وهذا يعني التعامل مع النص الكتابي بأسلوب روحاني بغض النظر عن المعنى الحقيقي له أي »رَوْحَنة النص«. والأهم هنا هو الانطباع الذي نخرج به. فإذا أردنا البحث في المعنى الأصلي للنص نجد من يعتبر ذلك تعقيدًا وفلسفة نحن في غنى عنها، ويكفي الانطباع الذي اخترناه عن نص معين. ومن خطورة هذا الاتجاه أن نجد شخصًا آخر له انطباع مختلف عن ذات النص.. يجب ألا تكون لانطباعاتنا راتنا سلطة أعلى من سلطة النص في الكتاب نفسه، ولذلك يجب أن نترك الكتاب يوجه اختباراتنا وليس العكس. وتجدر الإشارة هنا إلى مبدأ هام أثناء دراستنا لأسفار الكتاب وهو وضع أنفسنا بعيدين عن النص وأن نترك مشاعرنا وظروفنا جانبًا، وعند وصولنا إلى المعنى الأصلي نطبق ما توصلنا إليه على حياتنا وظروفنا ومشاعرنا.
4 - المعنى العقائدي
هو محاولة الوصول إلى المعنى الذي يثبت عقيدة معينة نؤمن بها مسبقًا ونحاول تفسير النص بما يوافق هذه العقيدة.
إن من يثبت عقيدة معينة على كل نص من الكتاب فإنه يفرض معنى على الكتاب بدلاً من إفساح المجال ليكون الكتاب المقدس هو المعلم والمرشد. والعقيدة تُبنى على الكتاب المقدس وليس العكس ونصل إلى الخلاصة الهامة: دع الكتاب يفسر نفسه بنفسه.
وفيما يلي سنبين بعض الخطوات التي ينبغي اتباعها للوصول إلى أفضل نتيجة لدراسة السفر مع ملاحظة الأمور الهامة التالية:
1 معرفة ماذا يقول الله لشعبه في ظروف السفر وتطبيق هذا على كنيستي وحياتي ومبادئي.
2 الاستفادة من القواعد التي ذكرت في الجزء الأول (كيف تقرأ الكتاب) وما دراسة السفر إلا تطبيق لما ذكر في الجزء الأول.
3 لا تتعجل النظر إلى التفاسير لأنك ستقيد تفكيرك في الآيات لكن الجأ إليها بعد أن تحاول أن تفهمها أولاً.
4 الاستعانة بكل الكتب المساعدة الممكنة أثناء الدراسة التي تساعد على فهم السفر (يوجد ملحق خاص بها في نهاية هذه المقالة).
خطوات دراسة السفر
باتباعك الخطوات التالية مرتبة ستصل إلى أفضل نتيجة لدراسة الأسفار:
1 - اختيار السفر
ما من قاعدة ملزمة للبدء في دراسة سفر معين بل بحسب قيادة روح الله لك واستحسانك الشخصي. وإن كان من المفضل اختيار سفر صغير كبداية كي لا تصاب بالملل من طول مدة الدراسة والإحساس بعدم إنجاز شيء. وتأكد من عدم وجود سفر صعب الفهم خارج نطاق الدراسة ولكن بالروح القدس تستطيع أن تدرس وتفهم أي سفر. ولكن الأفضل أن تختار سفرًا ليس به مشاكل دراسية معروفة مسبقًا.
2- قراءة خلفيات النص
إنه أمر هام جدًا أن تُحاط بظروف كتابة السفر ابتداء من كاتب السفر وظروف كتابته واللغة المستخدمة في ذلك الزمن، وأشهر التعابير المستخدمة والعادات والتقاليد المختلفة، كذلك موقع المدينة التي كتب إليها السفر وزمن الكتابة وهدفها. بمعرفة هذه الأشياء تستطيع الانتقال إلى عالم السفر وتقترب من المعنى الأصلي للكلمة.
3- قراءة السفر كله كجزء واحد أكثر من مرة
قراءة السفر كله بدون تقسيمه إلى إصحاحات تعطي صورة شاملة عن السفر وخصوصًا في حالة الأسفار الصغيرة. وبتكرار القراءة أكثر من مرة سينطبع موضوع السفر في ذاكرتك مع مراعاة كل الملاحظات التي ذكرت في كيفية قراءة الكتاب. ويفضل أثناء القراءة تدوين كل أسئلتك وملاحظاتك بالكتابة على ورق خارجي.
4- استخرج الكلمات والآيات المحورية
في كل سفر يوجد آية أو أثنين نستطيع أن نلخص السفر من خلالهما ففي رسالة العبرانيين مثلاً نستطيع أن نعتبر الآية في عب 8 :6.
«6وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أَيْضًا لِعَهْدٍ أَعْظَمَ، قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ». إنها هي الآية المحورية.
ونستخرج الكلمات التي تعتبر محورية أو مفتاحية التي يستخدمها الكاتب أكثر من مرة ويبني عليها الكاتب أفكارًا جديدة كما في رسالة رومية حيث يستخدم الرسول بولس أكثر من كلمة مفتاحية كالخطية، الناموس، الغضب، التبرير، الإيمان، الجسد، الروح، النعمة، الفداء، وبالرغم من صعوبة تحقيق هذه الخطوة إلا أننا بإدراكها نكون قد قطعنا شوطًا كبيرًا في فهم السفر.
5- إعادة تقسيم السفر مع التحليل
بعد قراءة السفر والبحث عن الآيات والكلمات المحورية نكون قد وصلنا إلى فهم السفر بحيث نستطيع أن نضع تقسيمًا وتحليلاً للسفر. فمثلاً يمكن تحليل رسالة تيطس كالتالي:
أولاً: 1:1-4 تحية بولس إلى تيطس وإدراك الرسول لدعوته العليا.
ثانيًا: 1 :5-9 نوعية الرجال الذين كان على تيطس أن يختارهم شيوخًا.
ثالثًا: 1 :10-16 المعلمون الكذبة وصفاتهم ووجوب توبيخهم.
رابعَا: 2:1-10 السلوك المسيحي خاصة (الشيوخ - الأحداث...).
خامسًا: 2 :11-3 :7 التعليم المسيحي.
2 :11-15 ما تقدمه النعمة الإلهية للمؤمنين.
3 :1-2 واجب المسيحي نحو المجتمع.
3 :3-7 اختلاف المسيحية عن الوثنية اختلافًا كليًا.
سادسًا: 3 :8-15 نصائح ختامية لتيطس.
3 :8 نصائح عن الأعمال الحسنة.
3 :9-10 نصائح تتعلق بالمعلمين الكذبة.
3 :11-15 نصائح تتعلق برفاق بولس الرسول وخططه المستقبلية.
والهدف من هذا التقسيم هو الوصول إلى الأفكار الرئيسية في السفر ووضع عناوين لهذه الأقسام يساعد في فهم كل جزء على حدة.
ويبنى هذا التحليل على القراءة بغض النظر عن تقسيمات الإصحاحات معتمدًا على تسلسل الأحداث وعلى الأفكار التي يناقشها الكاتب. فإذا لم تنجح في تقسيم السفر الجأ لاسم السفر في قاموس الكتاب أو أحد الكتب المساعدة. ويمكنك مقارنة ما توصلت إليه مع أحد التقسيمات في أي من الكتب المساعدة.
6- دراسة كل جزء من أقسام التحليل على حدة
وفيه يتم البحث عن معاني الكلمات الصعبة وعلاقة الآيات ببعض والوصول إلى معنى الجزء وربطه بالأجزاء التي سبقته والتي ستليه، وبالتالي الوصول إلى المعنى العام ولماذا قيل ومقارنته بالأجزاء المتشابهة له في الكتاب المقدس ككل. فالدراسة العميقة توصلنا إلى أدق المعاني من خلال التقسيم.
7- المقارنة بالتفاسير المختلفة
بعد الانتهاء من دراسة الأقسام المختلفة ومعرفة المعاني والكلمات والآيات استعن بتفاسير للمقارنة بما وصلت إليه من معنى. فإذا وجدت معاني جديدة لا تتعجب من ذلك لأن هذا أمر متوقع. وإن كان في التفسير معنى مختلف أو رأي غريب فلا بأس من العودة لدراسة الآية أو الجزء من جديد بهدوء وتركيز شديدين كي يمنحك الرب فهمًا ونورًا لتستريح إلى معنى محدد لها.
8- التطبيق
ضع قائمة بالتطبيقات العملية على حياتك من خلال ما كشفه الرب لك بحيث لا تكون دراستك أكاديمية فحسب وابحث باستمرار فيما يريد الرب أن تفعله في حياتك بناء على ما درسته في السفر.
ملاحظة
يجب ألا تتوقع في نهاية دراستك لأي سفر في الكتاب المقدس أن تصل إلى حل وتفسير كل الآيات والأجزاء لأن أجزاء كثيرة ستبقى دون إجابة، وأخرى لها أكثر من إجابة. لذا ليس من الصواب أن نحبس الآية أو الجزء في تفسير معين بل علينا أن نتعلم الخضوع أمام شخص الله الذي يرشدنا بروحه القدوس.
الخاتمة
لا توجد الكنوز على الأسطح وفي الأماكن المكشوفة عارية بل مخبأة ومدفونة تحت الأرض دائمًا. وهكذا الكتاب المقدس، فإن كنت ترغب في القليل والبسيط السطحي فلا داعي لبذل الجهد والوقت لأنك ستصل إليه بسهولة. أما إن كنت تريد أن تصل إلى الكنوز الحقيقية في الكلمة المقدسة فسبيلك الوحيد هو بذل كل جهد ووقت وتدقيق.
وهذا الكتاب محاولة بسيطة للوصول إلى الحق والتعليم الصحيح لكي نتعلم بشكل صحيح في الكتاب المقدس.
إن ما تقدم ليس إلا نور يسير يشجع على بداية الطريق، وعليك وحدك مسئولية الاستمرار والتعمق.
لذلك عليك التأكد أنك :
1 تملك كتابًا مقدسًا في بيتك.
2 تقرأ في الكتاب المقدس باستمرار.
3 تدرس الكتاب المقدس بعمق وتركيز.
4 تلهج من خلال الكلمة المقدسة وتسير بمبادىء الكتاب.
5 تساعد على انتشار الكتاب المقدس وسط من لا يملكون كلمة الله